
الطريق إلى بدء مشروعك التجاري لا يكون مفروشاً بالورود في معظم الأحيان، اسأل أي ريادي أعمال وسوف يؤكد لك بلا شك هذه المعلومة، ويمكننا القول إن أنجح الشركات وأكثرها شهرة قد نالت نصيبها من التحديات، مثلها مثل أي شركة ناشئة يتم تأسيسها.
عندما تكون في خضم تدشين نشاطك التجاري، قد تراودك بشكل متكرر تلك الرغبة المُلِحَّة بالتراجع وترك الأمر، خصوصاً في ظل الصعوبات والتحديات التي تأتيك من كل حدبٍ وصوب، وفي ذات الوقت أنت مضطر للتعامل مع الكثير من الأمور الأخرى، مثل الحفاظ على علاقات متينة مع العملاء، وتلبية احتياجاتهم، والمحافظة على السمعة الطيبة، والاحتفاظ بالموظفين، وإيجاد علامة تجارية فعالة، والتسويق الفعال في سوق مشبع بالمنافسين، كل هذه الأمور مطلوبة منك في الوقت نفسه الذي يتوجب عليك تجاوز العراقيل غير المتوقعة.
والتعرف على قصص نجاح الآخرين، ودراسة التحديات التي واجهتهم أثناء بناء شركاتهم الخاصة، وكيف تغلبوا عليها، من شأنه أن يرفع من معنوياتك. ويكون مصدر إلهامٍ كبيرٍ لك لتكمل الرحلة. حينها ستتجلى لك الحقيقة وتتضح: لا بأس في أن تفشل في المهام، لا بأس أن تضيع بعض الموارد، لا بأس في اتخاذ قراراتٍ خاطئة، لا بأس أن يغمرك شعورٌ بالتعب والإرهاق؛ كل رائد أعمال، بغض النظر عن مدى جاهزيته، يواجه عقبات غير متوقعة، الناجحون منهم يتعلمون كيف يتجاوزنها بأسرع وقت وبأقل الخسائر. إليك بعض القصص لشركاتٍ كادت أن تفشل، وتداركت ذلك فازدهرت وتوسعت بعد ذلك.
فيديكس.. المشكلات المستحيلة تتطلب حلولاً مجنونة!
لعلها القصة الأكثر شهرة من بين جميع الشركات الناشئة التي رأت الفشل واضحاً؛ تأسست فيدكس عام 1971 على يد فريدريك دبليو سميث، الذي استخدم ثروته الشخصية البالغة 4 ملايين دولار، بالإضافة إلى جمع 90 مليون دولار أخرى زيادة عليها، من أجل تمويل الشركة الناشئة.
كان الهدف وراء FedEx هو جعلها الشركة الأولى التي تشحن الطرود في أي مكان في العالم للتسليم بين عشية وضحاها، وبعد ثلاث سنواتٍ من تأسيس الشركة، واجه فريدريك مشكلة كبيرة، حيث ارتفعت تكاليف الوقود بشكل حاد إثر أزمة النفط التي بدأت تداعياتها بالظهور عام 1973، ونتيجةً لذلك، تضاعفت خسارات الشركة والتي وصلت إلى مليون دولار شهريًا!
في هذه المرحلة الصعبة، كانت الشركة على وشك الاضطرار إلى إعلان إفلاسها، وكل ما تبقى في حساب الشركة كان 5000 دولار فقط، هذ المبلغ الذي لم يكن قريباً لتغطية تكلفة وقود الطائرات في صباح يوم الاثنين، هذا يعني أنه إذا تمكنت فيدكس من الاستمرار لبعد العطلة الأسبوعية، فإنها سوف تحتاج إلى معجزة للحصول على الأموال اللازمة للوقود.
بعد رفض طلبه للحصول على موارد مالية إضافية، قرر سميث السفر إلى لاس فيجاس في نهاية هذا الأسبوع والمقامرة بمبلغ 5000 دولار وهو يلعب بلاك جاك، وصباح الاثنين، كان لدى الشركة 32 ألف دولار في حسابها المصرفي. ما يكفي من المال لمواصلة العمل خلال الأيام القليلة المقبلة، والتي تمكن سميث خلالها من تأمين رأس مال إضافي بقيمة 11 مليون دولار، لتتجاوز فيدكس واحدة من أصعب محناتها، ومن الجدير ذكره أن قيمة فيدكس الآن تبلغ حوالي 30 مليار دولار.
إيفرنوت.. يد العون تمتد في أحلك الأوقات!
كانت إيفرنوت على بعد أيام قليلة فقط من الاضطرار إلى إيقاف الشركة لإيقاف نزيف الخسائر، وذلك عندما واجه المؤسس، فيل ليبين، مشكلة كبيرة حيث انهارت أسواق الأسهم في الانهيار الكبير الذي شهده العالم عام 2008، وشهدوا اختفاء 60٪ من قيمة شركتهم.
في إحدى ليالي أكتوبر في الساعة الثالثة صباحًا، كان ليبين يتهيأ للنوم ويجهز نفسه لإغلاق الشركة في صبيحة اليوم التالي، تفقد بريده الإلكتروني مرة أخيرة قبل النوم، ليجد رسالة طويلة من شخص من السويد كان يشكره فيها على إنشاء التطبيق، ويصف كم ساعده على إدارة مهامه، ولاهتمامه الشديد بهذا التطبيق كان هذا الشخص قد عرض في ختام الرسالة أنه على استعداد للاستثمار في إيفرنوت.
لم يصدق فيل ليبين عيناه، ليتواصل بعدها بهذا الشخص، وبعد محادثة سكايب امتدت 20 دقيقة، عرض عليه السويدي مبلغ 500,000 دولار كاستثمار ملائكي في إيفرنوت، وفي الأسبوع التالي، تم تحويل الأموال إلى حساب الشركة، لتكمل الشركة مسيرتها وتجذب بعدها أنظار المستثمرين، ليصل اليوم عدد موظفي إيفرنوت إلى حوالي 300 موظفاً، وتعتبر إحدى أشهر وأهم تطبيقات إدارة المهام، لتصل قيمتها حالياً إلى ما يزيد عن 1.5 مليار دولار.
دجاج كنتاكي المقلي (KFC).. إذا خذلك المكان، انتشر في كل الأماكن!
سلسلة المطاعم الشهيرة للوجبات السريعة، كنتاكي فرايد تشيكن المعروفة اختصاراً بـ (KFC)، أسسها هارلاند ساندرز، والتي تنتشر فروعها اليوم في جميع أنحاء العالم، على الرغم من أنه كان هناك وقت كاد فيه الكولونيل ساندرز أن يتخلى عن ماركة كنتاكي مرةً وإلى الأبد، لأنه لم يكن يسير في الاتجاه التصاعدي نتيجة عوامل كانت تعوق انتشاره، إذ بدأ مطعم (KFC) كمطعم واحد على جانب الطريق السريع كان ساندرز يديره، ولكن في النهاية تم تحويل هذا الطريق السريع إلى طريقٍ فرعي، حيث تم إنشاء طريق أكبر في مكان قريب، مما أدى إلى سحب حركة المرور بعيدًا عن المطعم القديم وأثر تأثيراً بالغاً على مبيعات المطعم، حينها، ونتيجة لذلك، بدلاً من أن يصبح يائساً، سافر ساندرز إلى أكثر من 1000 مطعم محاولًا بيع ترخيص مطعمه مع وصفته الخاصة، عبر عقود الوكلاء التجاريون المعتمدون، إذ يحصل مقابل العقد على عمولة تقدر بـ5 سنتات عن كل قطعة دجاج يتم إعدادها في المطعم الوكيل وفق خلطته.
لم يصل إلى الشهرة العالمية قبل وفاته عن عمر يناهز 90 عامًا، لكن اسمه وصورته لا تزال حية من خلال شعار KFC الشهير، حيث وصل عدد فروع كنتاكي إلى 11 ألف فرع حول العالم، والتي تعتبر إحدى أشهر العلامات التجارية للوجبات السريعة.
ختاماً، العوائق تظهر للجميع، وقلة من يتجاوزونها!
الكثير من الشركات الناجحة والمرموقة في العالم كادت أن تفشل في وقتٍ ما، وكما أن هناك نماذج لشركات تغلبت على الفشل الذي يترصدها، هناك عشرات الآلاف من الشركات التي لم يتمكن أصحابها من التغلب على التهديدات والمضي قدماً إلى بر الأمان.